كتبها: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)
ندبنا الشارع الحكيم إلى الإستعداد لليوم الآخر؛ لأن فيه الخلود والجزاء، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد ، واتقوا الله ، إن الله خبير بما تعملون) [سورة الحشر(18)] قال البغوي رحمه الله تعالى في: “التفسير” : “قوله( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد ) يعني: ليوم القيامة، أي : لينظر أحدكم أي شيء قدم لنفسه عملا صالحا ينجيه أم سيئا يوبقه”أ.هـ. وفي قوله تعالى ” وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا “[سورة القصص(77)] دلالة على ذلك، قال البغوي رحمه الله تعالى : “( ولا تنس نصيبك من الدنيا ) قال مجاهد وابن زيد : لا تترك أن تعمل في الدنيا للآخرة حتى تنجو من العذاب؛ لأن حقيقة نصيب الإنسان من الدنيا أن يعمل للآخرة . وقال السدي : بالصدقة وصلة الرحم . وقال علي : لا تنس صحتك وقوتك وشبابك وغناك أن تطلب بها الآخرة” ا.هـ.
ولما كانت الحياة الدائمة في الدار الآخرة هي الحياة الحقيقية- حثَّ الشرع على اغتنام الحياة الفانية في الدار الدنيا للآخرة، فعن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه : ” اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناءك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك ” [أخرجه الحاكم في: “المستدرك”(4 /341(7846)) وقال : “هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه”] قال المناوي رحمه الله تعالى في: “فيض القدير”( 2/16) : ” (اغتنم خمسا قبل خمس) أي: افعل خمسة أشياء قبل حصول خمسة أشياء. (حياتك قبل موتك) يعني: اغتنم ما تلقى نفعه بعد موتك فإن من مات انقطع عمله وفاته أمله وحق ندمه وتوالى همه فاقترض منك لك (وصحتك قبل سقمك) أي: اغتنم العمل حال الصحة فقد يمنع مانع كمرض فتقدم المعاد بغير زاد (وفراغك قبل شغلك) أي: اغتنم فراغك في هذه الدار قبل شغلك بأهوال القيامة التي أول منازلها القبر فاغتنم فرصة الإمكان لعلك تسلم من العذاب والهوان (وشبابك قبل هرمك) أي: اغتنم الطاعة حال قدرتك قبل هجوم عجز الكبر عليك فتندم على ما فرطت في جنب الله (وغناك قبل فقرك) أي: اغتنم التصدق بفضول مالك قبل عروض جائحة تفقرك فتصير فقيرا في الدنيا والآخرة، فهذه الخمسة لا يعرف قدرها إلا بعد زوالها ” ا.هـ.
والله الموفق،،،
تمت بحمد الله