المصافحة بعد الصلاة ليست بدعة محرمة

 عنوان: المصافحة بعد الصلاة ليست بدعة محرمة

بقلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

    تُحرِّم طائفة من الناس مصافحة المسلم لأخيه عقب الصلاة، وتجعلها بدعة منكرة! مستشهدين بقول التقي ابن تيمية رحمه الله –كما في: “غذاء الألباب”( 1/ 329)- : “أما الْمُصَافَحَةُ عَقِبَ الصَّلَاةِ فَبِدْعَةٌ لَمْ يَفْعَلْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَسْتَحِبَّهَا أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ”انْتَهَى

    ومعلوم أن المصافحة عند التلاقي بين المسلمين سنة، وفي ذلك يقول النووي رحمه الله في: “المجموع شرح المهذب – (4 / 634) : “ المصافحة سنة عند التلاقي للاحاديث الصحيحة وإجماع الائمة. عن قتادة قال ” قلت لانس أكانت المصافحة في أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم قال نعم ” رواه البخاري .وعن كعب بن مالك ان طلحة بن عبيدالله قام إليه فصافحه بحضرة النبي صلي الله عليه وسلم ” رواه البخاري ومسلم .في سنن ابى داود والترمذي عن البراء قال ” قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلمين يتلاقيان فيتصافحان الا غفر لهما قبل أن يتفرقا وعن انس قال قال رجل ” يا رسول الله الرجل منا يلقي أخاه أو صديقه أينحني له قال لا قال افيلتزمه ويقبله قال لا قال أفيأخذ بيده ويصافحه قال نعم ” رواه الترمذي وقال حديث حسن. وتسن المصافحة عند كل لقاء”أ.هـ المراد. 

 

  لذا قرَّر جَمْهرة الفقهاء شرعية المصافحة عقب الصلاة، كما في: “درر الحكام شرح غرر الأحكام”(2/149) و” مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر”(2/59) و”حاشية الطحاوي على المراقي”(2/527) وغيرها، وغاية المنكِر من الفقهاء الكراهة لا التحريم، قال ابن عابدين رحمه الله تعالى في: “رد المحتار” (6/373) : “وَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا وَغَيْرُهُمْ بِكَرَاهَةِ الْمُصَافَحَةِ الْمُعْتَادَةِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ مَعَ أَنَّ الْمُصَافَحَةَ سُنَّةٌأ.هـ. وهو مقتضى قول من قال بعدم سنية المصافحة عند التلاقي، يقول القرافي رحمه الله تعالى في: “الفروق”(4/253) : “الْمُصَافَحَةُ , وَفِي الْحَدِيثِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  : (إذَا تَلَاقَى الرَّجُلَانِ فَتَصَافَحَا تَحَاتَّتْ ذُنُوبُهُمَا , وَكَانَ أَقْرَبُهُمَا إلَى اللَّهِ أَكْثَرَهُمَا بِشْرًا) فَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْمُصَافَحَةِ عِنْدَ اللِّقَاءِ , وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ مَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الزَّمَانِ مِنْ الْمُصَافَحَةِ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ بِدْعَةٌ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ , وَكَانَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْهَى عَنْهُ وَيُنْكِرُهُ عَلَى فَاعِلِهِ وَيَقُولُ : إنَّمَا شُرِعَتْ الْمُصَافَحَةُ عِنْدَ اللِّقَاءِ أَمَّا مَنْ هُوَ جَالِسٌ مَعَ الْإِنْسَانِ فَلَا يُصَافِحُهُ وَرَأَيْت بَعْضَ الْفُقَهَاءِ يَقُولُ : رُوِيَ فِي مُصَافَحَةِ مَنْ هُوَ جَالِسٌ مَعَك فِي حَدِيثٍ . وَلَا أَعْلَمُ صِحَّةَ قَوْلِهِ , وَلَا صِحَّةَ الْحَدِيثِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْمُصَافَحَةُ مُسْتَحَبَّةٌ , وَعَنْ مَالِكٍ كَرَاهَتُهَا , وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ حُجَّةُ الْكَرَاهَةِ قَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ الْمَلَائِكَةِ لَمَّا دَخَلُوا عَلَى إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ { فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ } قَالَ مَالِكٌ , وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَافَحَةَ وَلِأَنَّ السَّلَامَ يُنْتَهَى فِيهِ لِلْبَرَكَاتِ , وَلَا يُزَادُ فِيهِ قَوْلٌ , وَلَا فِعْلٌ حُجَّةُ الْمَشْهُورِ مَا فِي الْمُوَطَّإِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ( تَصَافَحُوا يَذْهَبْ الْغِلُّ وَتَهَادَوْا تَحَابُّوا وَتَذْهَبْ الشَّحْنَاءُ )“أ.هـ.

   وحكمُ فقهاءَ ببدعيَّة المصافحة بعد الصلاة كابن عبدالسلام رحمه الله تعالى قال عنه النووي رحمه الله تعالى في: “المجموع شرح المهذب”( 3 / 488) : “وأما هذه المصافحة المعتادة بعد صلاتي الصبح والعصر فقد ذكر الشيخ الامام أبو محمد بن عبد السلام رحمه الله أنها من البدع المباحة ولا توصف بكراهة ولا استحبابوهذا الذى قاله حسن، والمختار:أن يقال إن

صافح من كان معه قبل الصلاة فمباحة كما ذكرنا،وان صافح من لم يكن معه قبل الصلاة عند اللقاء فسنة بالاجماع للاحاديث الصحيحة في ذلك”أ.هـ.

 

والله أعلم

 

 

 

تمت بحمد الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *