عنوان: فوائد معرفة الخلاف في الفروع
بقلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)
بسم الله الرحمن الرحيم
لمعرفة الخلاف في فروع الدين فوائد، على رأسـها فائدتان:
الأولى : معرفة الخلاف ، والتفريق بين مسائل الإجماع وغيرها ، وهذا لابد للفقيه منه ، قال الشاطبي رحمه الله في كتابه العظيم : ((الموافقات)) (5/122ـ123) : “ولذلك جعل الناس العلم معرفة الاختلاف ، فعن قتادة: (من لم يَعْرف الاختلاف لم يَشُمّ أَنْفُه الفقه) . وعن هشام بن عبيد الله الرازي : (من لم يعرف اختلاف القراءة فليس بقارئ ،ومن لم يعرف اختلاف الفقهاء فليس بفقيه)، وعن عطاء : ( لا ينبغي لأحد أن يفتي الناس حتى يكون عالماً باختلاف الناس ، فإنه إن لم يكن كذلك ردّ من العلم ما هو أوثق من الذي في يديه)، وعن أيوب السختياني وابن عينية : (أَجْسر الناس على الفتيا أقلهم علماً باختلاف العلماء). زاد أيوب : (وأمسك الناس عن الفتيا أعلمهم باختلاف العلماء)” ا.هـ.
وقد ذكر ابن عبد البر رحمه الله في : ((جامع بيان العلم وفضله)) آثاراً في ذلك تحت باب ( من يستحق أن يُسمّى فقيهاً أو عالماً حقيقة لا مجازاً ، ومن يجوز له الفتيا عند العلماء ) فتُنْظَر .
والثانية : حَصر الأقوال في المسألة ؛ إذ لا يجوز إحداث قول زائد ، فلو كان في المسألة قولان للفقهاء : فإحداث قول ثالث خَرْقٌ للإجماع ، قال أبو المظفر السمعاني رحمه الله في : ((قواطع الأدلة))(3/266) : ” لأن إجماعهم على قولين إجماع على تحريم ما عداهما . فلما لم يجز خلاف الإجماع في القول الواحد ؛ لأنه يتضمن تحريم ما عداه . فكذلك لا يجوز خلاف إجماعهم على القولين لإجماعهم على تحريم ما عداهما . يدل عليه : أنه قد ثبت أن الحق لا يخرج عن الإجماع ، فلو جاز إحداث قول ثالث لم يعتقدوه لخرج الحق من أقوالهم ؛ لأنّا إذا جَوّزنا ذلك : فيجوز أن يكون الحق في القول الثالث ، وفي هذا إبطال الإجماع ” ا.هـ
مقتطف من كتاب: “المسائل” لخادم الشريعة