إرشاد للشرح المعتمد على صحيح البخاري

 

عنوان: إرشاد للشرح المعتمد على صحيح البخاري

بقـلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

  استشارة:

     فضيلة الشيخ/ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

    ما هو الشرح المعتمد عند العلماء لكتاب: “صحيح البخاري”؟ 

وجزاكم الله خيرا.

 

إرشاد:

     وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

     مرحبا بكم عزيزي

 

لصحيح الإمام البخاري رضي الله عنه شروح عِدَّة، إلا أن أجلَّها عند العلماء شرح القاضي شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي العسقلاني الشافعي(852هـ)المعروف ب(الحافظ ابن حجر) رحمه الله تعالى . قال تلميذه السَّخاوي رحمه الله تعالى في “الذيل على رفع الإصـر”(ص/ ) عنه: “وزادت تصانيفـه التي معظمها في فنون الحديث، وفيها من فنون في الأدب، والفقه وأصوله، وأصول الدين، وغير ذلك، على مئة وخمسين تصنيفاً، ورُزق فيها من السَعد والقَبول ،خصوصاً (فتح الباري) الذي لم يُسبَق إلى نظيره ـ أمراً عجيبا”أ.هـ.وقال صديق القنوجي رحمه الله تعالى في: “أبجد العلوم”(ص/435-الأحمد) : “وشرح الحافظ ابن حجر – على البخاري- أوفى الشروح،لا يعادله شرح ولا كتاب؛ ولذا لما قيل للشوكاني: اشرح البخاري.أجاب: إنه لا هجرة بعد الفتح،يعني: فتح الباري،وما ألطف هذا الجواب عند من يفهم لطف الخطاب”أ.هـ.

   وقد أخذ الحافظ ابن حجر رحمه الله زمنا ومراحل في تأليفه ل(الفتح)، وفي ذلك يقول السخاوي رحمه الله في: “الجواهر و الدرر”(2/675) : “وكان الابتداء فيه في أوائل سنة سبع عشر و ثمانمائة على طريق الإملاء، ثم صار يكتب من خطه مداولة بين الطلبه شيئا فشيئا، والاجتماع في يوم من الأسبوع للمقابلة و المباحثة،وذلك بقراءة شيخنا العلامه ابن الخضر، إلى أن انتهى في أول يوم من رجب سنة اثنين وأربعين وثلاثمائة، سوى ما ألحق فيه بعد ذلك فلم ينته إلا قبيل وفاة المؤلف بيسير،وجاء بخط مؤلفه في ثلاثة عشر سفرا،وبُيِّض في عشر وعشرين وثلاثين وأزيد وأقل“أ.هـ.ويقول القسطلَّاني رحمه الله في مقدمة: “إرشاد الساري”: “ وشرحه أيضًا شيخ الإسلام والحافظ أبو الفضل بن حجر وسماه (فتح الباري)، وهو في عشرة أجزاء ومقدمته في جزء، وشهرته وانفراده بما اشتمل عليه من الفوائد الحديثية ،والنكات الأدبية، والفوائد الفقهية- تغني عن وصفه، لا سيما وقد امتاز كما نبّه عليه شيخنا بجمع طرق الحديث التي ربما يتبين من بعضها ترجيح أحد الاحتمالات شرحًا وإعرابًا، وطريقته في الأحاديث المكررة أنه يشرح في كل موضع ما يتعلق بمقصد البخاري بذكره فيه، ويحيل بباقي شرحه على المكان المشروح فيه. قال شيخنا: وكثيرًا ما كان رحمه الله تعالى يقول أودّ لو تتبعت الحوالات التي تقع لي فيه، فإن لم يكن المحال به مذكورًا أو ذكر في مكان آخر غير المحال عليه ليقع إصلاحه فما فعل ذلك فاعلمه، وكذا ربما يقع له ترجيح أحد الأوجه في الإعراب أو غيره من الاحتمالات أو الأقوال في موضع ثم يرجح في موضع آخر غيره، إلى غير ذلك مما لا طعن عليه بسببه، بل هذا أمر لا ينفك عنه كثير من الأثمة المعتمدين. وكان ابتداء تأليفه في أوائل سنة سبعٍ عشرة وثمانمائة على طريق الإملاء، ثم صار يكتب بخطه شيئًا فشيئًا فيكتب الكراس ثم يكتبه جماعة من الأئمة المعتبرين، وعارض بالأصل مع المباحثة في يوم من الأسبوع، وذلك بقراءة العلاّمة ابن خضر. فصار السفر لا يكمل منه شيء إلاّ وقد قوبل وحرّر إلى أن انتهى في أوّل يوم من رجب سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، سوى ما ألحق فيه بعد ذلك فلم ينته إلا قبيل وفاة المؤلف بيسير. ولما تم عمل مصنفه وليمة بالمكان المسمى بالتاج والسبع وجوه في يوم السبت ثاني شعبان سنة اثنتين وأربعين، وقرىء المجلس الأخير هناك بحضرة الأئمة كالقاياني والونائي والسعد الديري. وكان المصروف على الوليمة المذكورة نحو خمسمائة دينار. وكملت مقدمته وهي في مجلد ضخم في سنة ثلاث عشرة وثمانمائة وقد استوفيت بحمد الله تعالى مطالعتهما “اهـ .

 

  ولابد من التنبه عند قراءة (فتح الباري) ودراسته من رعاية مايلي:

 

أولا: مطالعة مقدمة (الفتح) المسماة ب”هدي الساري”، يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله في فاتحة “الهدي” :وقد استخرت الله تعالى في أن أضم إليه نبذا شارحة لفوائده موضحة لمقاصده كاشفة عن مغزاه في تقييد اوابده واقتناص شوارده وأقدم بين يدي ذلك كله مقدمة في تبيين قواعده وتزيين فرائده جامعة وجيزة دون الاسهاب وفوق القصور سهلة المأخذ تفتح المستغلق وتذلل الصعاب وتشرح الصدور وينحصر القول فيها إن شاء الله تعالى في عشرة: 
الفصل الأول: في بيان السبب الباعث له على تصنيف هذا الكتاب 
الفصل الثاني: في بيان موضوعه والكشف عن مغزاه فيه والكلام على تحقيق شروطه وتقرير كونه من أصح الكتب المصنفة في الحديث النبوي ويلتحق به الكلام على تراجمه البديعة المنال المنيعة المثال التي انفرد بتدقيقه فيها عن نظراك واشتهر بتحقيقه لها عن قرنائه
الفصل الثالث: في بيان الحكمة في تقطيعه للحديث واختصاره وفائدة اعادته للحديث وتكراره
الفصل الرابع :في بيان السبب في إيراده الأحاديث المعلقة والآثار الموقوفة مع أنها تباين أصل موضوع الكتاب والحقت فيه سياق الأحاديث المرفوعة المعلقة والإشارة لمن وصلها على سبيل الاختصار
الفصل الخامس :في ضبط الغريب الواقع في متونه مرتبا له على حروف المعجم بألخص عبارة وأخلص إشارة لتسهل مراجعته ويخف تكراره 
الفصل السادس: في ضبط الأسماء المشكلة التي فيه وكذا الكنى والأنساب وهي على قسمين الأول المؤتلفة والمختلفة الواقعة فيه حيث تدخل تحت ضابط كلى لتسهل مراجعتها ويخف تكرارها وما عدا ذلك فيذكر في الأصل والثاني المفردات من ذلك
الفصل السابع :في تعريف شيوخه الذين اهمل نسبهم إذا كانت يكثر اشتراكها كمحمد لا من يقل اشتراكه كمسدد وفيه الكلام على جميع ما فيه من مهمل ومبهم على سياق الكتاب مختصرا 
الفصل الثامن :في سياق الأحاديث التي انتقدها عليه حافظ عصره أبو الحسن الدارقطني وغيره من النقاد والجواب عنها حديثا حديثا وإيضاح أنه ليس فيها ما يخل بشرطه الذي حققناه 
الفصل التاسع: في سياق أسماء جميع من طعن فيه من رجاله على ترتيب الحروف والجواب عن ذلك الطعن بطريق الإنصاف والعدل والاعتذار عن المصنف في التخريج لبعضهم ممن يقوي جانب القدح فيه أما لكونه تجنب ما طعن فيه بسببه وأما لكونه اخرج ما وافقه عليه من هو أقوى منه وأما لغير ذلك من الأسباب 
الفصل العاشر: في سياق فهرسة كتابه المذكور بابا بابا وعدة ما في كل باب من الحديث ومنه تظهر عدة أحاديثه بالمكرر اوردته تبعا لشيخ الإسلام أبي زكريا النووي رضي الله عنه تبركا به ثم أضفت إليه مناسبة ذلك مما استفدته من شيخ الإسلام أبي حفص البلقيني رضي الله عنه ثم اردفته بسياق أسماء الصحابة الذين اشتمل عليهم كتابه مرتبا لهم على الحروف وعد ما لكل واحد منهم عنده من الحديث ومنه يظهر تحرير ما اشتمل عليه كتابه من غير تكرير”أ.هـ.
ثم قال رحمه الله :

” ثم ختمت هذه المقدمة بترجمة كاشفة عن خصائصه ومناقبه جامعة لمآثره ومناقبه ليكون ذكره واسطة عقد نظامها وسرة مسك ختامها فإذا تحررت هذه الفصول وتقررت هذه الأصول افتتحت شرح الكتاب مستعينا بالفتاح الوهاب“أ.هـ.

ثانيا: الوقوف على بياضات : “الفتح” –وهي المواضع التي ترك فيها الحافظ فراغا-،وفيه مصنَّف لطيف لأبي الأشبال أحمد شاغف الصغير الباكستاني عنوانه: “  إتحاف القاري بسد بياضات فتح الباري

ثالثا: التيقُّظ لما رجع عنه الحافظ في : “الفتح”، وفيه: “ تراجعات ابن حجر في فتح الباريتأليف: مشهور حسن سلمان.

رابعا: متابعة إحالات الحافظ في: “الفتح”،وفيه: “ غبطة القاري ببيان إحالات فتح الباري“لأبي صهيب صفاء الضوي أحمد العدوي.

تنبيه: نُشر (الفتح) في طبعات مختلفة،وتبقى طبعة بولاق بمصر(1301)عليها المعوَّل،وهي في ثلاثة عشرا مجلدا ، ولايزال أهل العلم يتطلَّعون لنشرة (دار التأصيل) المعلَن عنها، والتي شملتْ-كما قالت الدار-:

1-ضبط نص الكتاب من خلال الأصول الخطية والمصادر التي اعتمد عليها المؤلف،وقد وُفِّقت الدار للعثور على أربع نسخ خطية.
-2 وضع متن «الصحيح» من رواية أبي ذر التي اعتمد عليها الحافظ -رحمه الله- وقد وُفِّقت الدار للحصول على الأصول الخطية لهذه الرواية، والتي بلغت سبع نسخ قامت بضبط الصحيح عليها

3 عزو الروايات والأحاديث التي ذكرها المؤلف.
-4 عزو ما نقله المؤلف إلى مصادره.
-5 إعداد الفهارس العلمية اللازمة.

تنبيه: يعتمد العلماء على : “إرشاد الساري”للقسطلَّاني رحمه الله في شرح أحاديث البخاري وتراجمه،لعنايتة بتلخيص (الفتح) وألفاظ البخاري.

 

والله أعلم

 

تمت بحمد الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *