التبيان لأصول الإيمان

 

 بطاقة الكتاب

الكتاب

التبيان لأصول الإيمان

المؤلف

الشيخ صالح بن محمد الأسمري

الفهرس

مقدمة

الأصل الأول: الإيمان بالله

الأصل الثاني: الإيمان بالرسل

الأصل الثالث: الإيمان بالملائكة

الأصل الرابع: الإيمان بالكتب

الأصل الخامس:الإيمان باليوم الآخر

الأصل السادس:الإيمان بالقضاء والقدر

 

 

 

 

نموذج

 

الفصل الثالث

الإيمان بالملائكة

 

وفيه مباحث:

 

       – أولها: في حقيقتها. فـ (الملائكة) جمْع (مَلْأَك) أو (مَلَك)، وهو الأشهر، والهاء في (الملائكة) تأكيدٌ لتأنيث الجَمْع. قيل سُمُّوا بذلك من (الأَلُوْكَة) وهي الرسالة. وقيل: الأخذ بقوةٍ. ([1])

والملائكة صنفٌ من المخلوقات ذاتُ أجسامٍ لطيفةٍ، وأُعطيَتْ قدرة على التشكل ومَسكنُها السماوات، وخُلقت من نور، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” خُلقت الملائكة من نور ” ([2]).

وعدد الملائكة كثيرٌ بدلالة أخبار، ومنها ما ورد في خبر المِعراج، وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” فرُفِع لي البيت المعمور فسألتُ جبريل، فقال: هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعونَ ألْف ملكٍ إذا خَرَجُوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم ” قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: ” اسْتُدِلَّ به على أن الملائكة أكثر المخلوقات؛ لأنه لا يُعْرَف من جميع العوالم من يَتَجَدَّد من جنسه في كل يوم سبعون ألفاً، غير ما ثبت عن الملائكة في هذا الخبر ” ا.هـ([3])

 

– وثانيها: في أركان الإيمان بها حيث ترجع إجمالاً إلى ركنين:

 

       أولهما: الإيمان بوجودها. واستفاضت فيه البراهين، ومنها قول الله سبحانه: (إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين) (ص-71) وحديث جبريل عليه السلام، وفيه: ” أن تؤمن بالله وملائكته ” ([4])، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: ” الإيمان بالملائكة: هو التصديق بوجودهم ” ([5]) وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى: ” ويجب اعتقاد وجود الملائكة ” انتهى. ([6])

 

– فائدة: ليس في الأمم من يُنْكِر وجود الملائكة. قَرَّرَه ابن تيمية رحمه الله تعالى وغيره. ([7])

 

وثانيها: الإيمان بما ورد عنهم في الكتاب والسنة من أسماء، وصفات، ووظائف.

 

– فمن الأسماء: جبريل لقوله تعالى: (من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله ” (البقرة :97). وميكائيل ([8])، لقوله سبحانه: (من كان عدواً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين) (البقرة: 98). وإسرافيل لحديث: ” اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل ” ([9]).

 

– ومن الصفات: أن للملائكة أجنحةً، قال الله تعالى: (جاعل الملائكة رسلاً أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع) (فاطر:1) قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى ([10]): ” أي: منهم من له جناحان، ومنهم من له ثلاثة، ومنهم من له أربعة، ومنهم من له أكثر ” أ.هـ.

 

– ومن الوظائف: حَمْل العرش لقوله تعالى: ” ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ” (الحاقة: 17). ونَفْخُ الصُّوْر – والصُّوْر اسم قَرْنٍ يُنْفَخُ فيه النَّفَخَات الثلاث-لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” كيف أنعم وصاحب الصور قد الْتَقَم الصُّوْر وأَصْغَى سَمْعَه وحَنَا جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ ” ([11])، قال القرطبي رحمه الله تعالى: ” الأمم مُجْمِعة على أن الذي ينفُخ في الصور إسرافيل عليه السلام ” أ.هـ ([12]).

 

– تنبيه: مراتب الملائكة مُختلِفة، قال الفخر الرازي رحمه الله تعالى: ” قوله: (ولا الملائكة المقربون) يدل على أن طبقات الملائكة مختلفة في الدرجة والفضيلة، فالأكبر منهم مثل:

جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وعزرائيل، وحملة العرش ” أ.هـ([13]).

 

– فائدة: قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: وذكر في: ” ربيع الأبرار ” عن سعيد بن المسيب قال: (الملائكة ليسوا ذكوراً ولا إناثاً، ولا يأكلون ولا يشربون، ولا يتناكحون ولا يتوالدون) أ.هـ([14]).

بل عدم أكلهم وشربهم ونكاحهم متفق عليه، قال الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى: ” قال الرازي في: ” تفسيره “: (اتفقوا أن الملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا ينكحون ” أ.هـ([15]).

 

-فائدة: قال الحافظ بن كثير رحمه الله تعالى في: “تفسيره”: (الظاهر من هذه الآية أن ملك الموت شخص معين من الملائكة كما هو المتبادر من حديث البراء المتقدم ذكره في سورة إبراهيم، وقد سمى في بعض الآثار بعزرائيل وهو المشهور قاله قتادة وغير واحد) انتهى.

 

وثالثها: في عصمة الملائكة من المعاصي وما إليها. وهم صنفان:

 

       أولهما: المرسلون منهم إلى الأنبياء كجبريل عليه السلام – فهؤلاء لهم العصمة اتفاقاً. قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: ” واتفق أئمة المسلمين أن حكم المرسلين منهم حكم النبيين سواء في العصمة ” أ.هـ ([16]).

 

       – والثاني: بقية الملائكة. فهؤلاء مختلف فيهم، والأصح عصمتهم أيضاً. قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: ” واختلفوا في غير المرسلين من الملائكة. والصواب عصمة جميعهم ” أ.هـ([17])، وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى:” والأصح، بل الصواب: عصمة بقيتهم ” أ.هـ([18]). ويدل عليه عموم قوله تعالى: (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) (التحريم :6).

 

وها هنا إشكالان:

 

       – أولهما: في قوله تعالى: ” ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين ” (الأنبياء: 29) حيث يفهم منه قدرة الملائكة على المعصية، إلا أن جوابه ما ذكره الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى بقوله: ” وهذا شرط والشرط لا يلزم وقوعه، كقوله تعالى (قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ” أ.هـ([19]).

 

       – والثاني: في قصة هاروت وماروت على القول بأنهما ملكان لقوله تعالى: ” وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت ” (البقرة: 102) وهو محمول على أنهما فعلا ذلك امتحاناً للناس ([20]) أو نحو ذلك من المحامل الجائزة. وأما ما يحكى من أخبار فقال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: ” ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى ” أ.هـ ([21]).

 

تنبيه: الملائكة مؤمنون إجماعاً. قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: “أجمع المسلمون على أن الملائكة مؤمنون فضلاء ” أ. هـ ([22])، ويدل عليه قوله تعالى: ” بل عباد مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ” (الأنبياء: 26-27)، قال الراغب رحمه الله تعالى: ” قوله: ” بل عباد مكرمون ” أي: جعلهم كراماً ” أ.هـ([23])

 

 

 وكَتَبَ/

(صالحُ بنُ مُحمَّدٍ الأَسْمَرِيّ)
لَطَفَ اللهُ به

الدِّيارُ الحِجازِيَّةُ ببلادِ الحَرَمَين
حَرَسَها اللهُ

 

 

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(1) انظر: ” القاموس ” (ص/1229)، ” بصائر ذوي التميز ” (4/524).

(2) ” صحيح مسلم ” (4/2294)، برقم (2996).

(3) ” فتح الباري “، (7/215).

(4) ” رواه البخاري ومسلم.

(5) الفتح (1/117).

(6) الفتاوي الحديثة (ص/168).

(7) انظر: النبوات ” (1/194)، (فتح الباري) (6/306).

(8) في (مكائيل) ست لغات كما قال القرطبي في ” الجامع ” (2/38)، ميكائيل – بياءين -، ومكائيل – بياء بعد الهمزة – وميكال، وميكئيل، وميكييل، وميكاءَل.

(9) رواه مسلم (1/534).

(10) ” التفسير “، (3/546).

(11) رواه الترمذي في ” جامعه، (4/42-رقم: 2548)، وقال: ” هذا حديث حسن.

(12) ” الجامع ” (7/20).

(13) ” التفسير ” (11/119).

(14) ” فتح الباري ” (6/306) و ” ربيع الأبرار ” اسم كتاب لأبي القاسم محمود الزمخشري.

(15) ” الحبائك ” (ص/264).

(16) ” الشفا ” (2/851).

(17) ” الشفا ” (2/853).

(18) ” الفتاوي الحديثية، (ص/87).

(19) ” التفسير ” (3/176).

(20) ذكره البغوي رحمه الله في: ” التفسير ” (1/129) وأسهب ابن جرير فيه (التفسير) (2/427)، شاكر.

(21) ” التفسير ” (1/151).

(22) ” الشفاء ” (2/851).

(23) ” مفردات ألفاظ القرآن “.

* ويدل على التشكل حديث الوحي، وفيه: وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول ” قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في: ” فتح الباري ” (1/21) “: والحق أن تمثل الملك رجلاً ليس معناه أن ذاته انقلبت رجلاً، بل معناه أنه ظهر بتلك الصورة تأنيساً لمن يخاطبه. والظاهر أيضاً أن الزائد لا يزول ولا يفنى، بل يخفى على الرائي فقط. والله أعلم ” أ.هـ

Share this...
Print this page
Print
Email this to someone
email
Share on Facebook
Facebook
Tweet about this on Twitter
Twitter
Share on LinkedIn
Linkedin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *