حكم طلاق الغضبان

مسألة: حكم طلاق الغضبان

بقلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)

     طلاق الغضبان يقع عند جماهير الفقهاء وأكثرهم مطلقا دون تفريق بين غضب شديد وغيره،قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى في: “جامع العلوم والحكم”-كما في: “مطالب أولي النهى”( 16/6)-: “ما يقع من الغضبان من طلاق وعتاق أو يمين، فإنه يؤاخذ بذلك كله بغير خلاف” ا.هـ. وبه قال السادة الحنفية -كما في: ” بدائع الصنائع”( 14/434)-والمالكية -كما في: “حاشية الشرح الكبير” (2/366)للدسوقي-والشافعية-كما في: “إعانة الطالبين”(4/9)- والحنابلة -كما في: “كشاف القناع”(5/235)- خلافا لقول عند السادة الحنفية-كما في: “حاشية ابن عابدين”(2/427)-

واستدل الجمهور بأدلة منها:

     – حديث خولة بنت ثعلبة – امرأة أوس بن الصامت – قالت: والله فيَّ وفي أوس بن صامت أنزل الله – عز وجل – صدر سورة المجادلة. قالت: كنت عنده وكان شيخاً كبيراً، قد ساء خلقه وضجِر. قالت: فدخل علي يوماً، فراجعته بشيء، فغضب، فقال: أنت علي كظهر أمي. وفيه أمره صلى الله عليه وسلم: “بعتق رقبة، ثم بصيام شهرين متتابعين، ثم بإطعام ستين مسكيناً” [رواه أحمد في مسنده 55/317, برقم: 26056 وغيره] 

     قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى في: “جامع العلوم والحكم”( ص /149): (فهذا الرجل ظاهر في حال غضبه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرى حينئذ أن الظهار طلاق، وقد قال: إنها حرمت عليه بذلك، يعنى: لزمه الطلاق، فلما جعله الله ظهارًا مكفرًا ألزمه بالكفارة ولم يلغه)أ.هـ.

     -أثر مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنه أن رجلا قال له: إني طلقت امرأتي ثلاثًا وأنا غضبان؟ فقال ابن عباس: ( لا أستطيع أن أُحِلّ لك ما حرم الله عليك ،عصيتَ ربك وحَرُمتْ عليك) [أخرجه الدارقطني في كتاب الطلاق (4/13)،وصححه الحافظ ابن حجر في فتح الباري (9/275)]

تنبيه: حديث : “لا طلاق ولا عتاق في إغلاق”[رواه أحمد في: “المسند”( 53/314, برقم: 25156) وابن ماجه في: “السنن”( 6/218, برقم: 2036)]فسَّره ابن القيم رحمه الله تعالى في: “إغاثة اللهفان في طلاق الغضبان” بالغضب، وهو مخالف للمشهور عند أهل اللغة، بل قال السندي قال في: “حاشيته على ابن ماجه”(4/289) : “رُوي في “مجمع الغرائب” تفسير الإغلاق بالغضب…وهو غلط”أ.هـ. والمعروف في تفسير (الإغلاق) أنه الإكراه -كما في: “النهاية في غريب الأثر” (3/716)-، مع قول ابن بطال رحمه الله تعالى في: “شرح البخاري”(11/142) : “وأما الحديث ” لا طلاق في إغلاق ” فليس بثابت، ولا مما يعارض به مثل هذه الأحاديث الثابتة”أ.هـ.

     هذا والله الموفق لا رب سواه

 

تمت بحمد الله 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *