عنوان: حكم قول: (إن شاء الله) ونحوها في الوعد عند الحنابلة
بقلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)
بسم الله الرحمن الرحيم
قرَّر السادة الحنابلة حُرْمة الوعد بلا قول: (إن شاء الله) ونحوها ، قال ابن بَلْبان رحمه الله تعالى في : “أخصر المختصرات” (ص/260) “وسُنّ الوفاء بالوعد، وحَرُم بلا استثناء” أ.هـ. قال البعلي في : ” كشف المخدرات والرياض المزهرات لشرح أخصر المختصرات ” (ص/816) : “(وسن الوفاء بالوعد) ولا يلزم نَصَّاً (وحرم) الوعد (بلا استثناء) لقوله تعالى : {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله} ، أي لا تقولن ذلك إلا معلقاً بأن يشاء الله تعالى عز شأنه وعَظَُم سلطانه “أ.هـ. وقَرَّر حُرْمة الخُلْف بلا استثناء في : “مطالب أولي النهى” (9/229) .
ودليل ذلك قوله تعالى : {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله}، ووجه أخذ الحكم منه لَخَّصَهُ البهوتي رحمه الله تعالى في : “دقائق أولي النهى” (6/456) بقوله : “ويحرم بلا استثناء لقوله تعالى : {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله} أي : لا تقولنَّ ذلك إلا مُعَلِّقاً بأن يشاء الله، فالنهي المتقدّم مع إلا المتأخرة حصر القول في هذه الحالة وحدها، فتختص بالإباحة، وغيرها بالتحريم، وتركُ المحرَّم واجب وليس يُتْرك به الحرام إلا هذه فتكون واجبة، هذا مَدْرَكُ الوجوب من الآية وأما التعليق فهو من قولِنا: مُعَلِّقاً المحذوف كقولك : لا تخرجنَّ إلا ضاحكاً، فإنه يفيدُ الأمْرَ بالضحكِ والخروج 0هذا حاصلُ كلام القرافي وهو مذكورٌ برِمَّتِهِ في أصله” ا.هـ . وأصله هو : “شرح المنتهى لابن النجار ” وهو فيه (11/289ـ290) .
إذا تبيَّن ذلك: فإن المذهب يفرِّق بين الوعد والإخبار في لزوم الإستثناء؛ فلايجب في الإخبار، قال الشمس ابن مفلح رحمه الله تعالى في : “الآداب الكبرى” ـ كما في “الكشاف” (6/284ـ285) للبهوتي -: “فلا يُخْبِر عن شيء سيوجد إلا باعتبارٍ جازم أو ظنٍّ راجحٍ” ، وقال : “وتعليق الخبر فيها بمشيئة الله مستحب ، ولا يجب للأخبار المشهورة في تركه في الخبر والقسم” ا.هـ.
وللإستثناء فائدة: وهي الخروج عن الكذب إذا وعد، قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى ـ كما في : “الفروع” (11/93) ـ : “فائدة : الاستثناء خروجُه من الكذب إذا لم يفعل كقوله تعالى : {ستجدني إن شاء الله صابراً}”أ.هـ.
فائدة : رمز الشمس ابن مفلح رحمه الله تعالى في “الفروع” (11/92، 94) إلى موافقة الحنفية والشافعية لمذهب الحنابلة، خلافاً للمالكية . قال أبو السعادات البُهُوتي رحمه الله تعالى في “كشاف القناع” (6/285) : “قال في المبدع: ومذهب مالك يَلْزَم، أي : الوفاء بالوعد، بسببٍ لكن قال : تزوَّج وأعطيك كذا واحْلِف لا تَشْتّمني ولك كذا، وإلا لم يَلْزمه” ا.هـ.
هذا والله أعلم.
تمت بحمد الله








































