مسألة: طريقة عَقْد التَّسبيح بالأصابع
بقلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)
عن يسيرة – رضي الله عنها – وكانت من المهاجرات ، قالت : قال لنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” عليكن بالتسبيح والتهليل ، والتقديس ، واعقدن بالأنامل ، فإنهن مسئولات مستنطقات ، ولا تغفلن فتنسين الرحمة ” . رواه أحمد في: “المسند”(6/371) والترمذي في: “الجامع”(5/533-برقم:3583)، وأبو داود في: “السنن”(2/81-1501). وحسنه الحافظ النووي رحمه الله تعالى في: “الأذكار”(ص/10)، وصححه الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى في: “التلخيص”(1/547)
وقوله” وَاعْقِدْنَ” بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ اُعْدُدْنَ عَدَدَ مَرَّاتِ التَّسْبِيحِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ .وقوله ” بِالْأَنَامِلِ” أَيْ بِعِقْدِهَا أَوْ بِرُءُوسِهَا يُقَالُ عَقَدَ الشَّيْءَ بِالْأَنَامِلِ عَدَّهُ .
وفي طريقة العقد ثلاثة أقوال:
الأول: أنه عَقْد أهل الحساب، وبه قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى -كما في: “تخريج الأذكار”( / )- ونصُّه فيه: “معنى العقد المذكور في الحديث: إحصاء العدد بوضع بعض الأنامل على بعض عقد أنملة أخرى، فالآحاد والعشرات باليمين، والمئون والألوف باليسار”أ.هـ.ولذلك قال الطِّيْبِي رحمه الله تعالى في: “شرح المشكاة”( / ) : ” حَرَّضَهُنَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ يُحْصِينَ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ بِأَنَامِلِهِنَّ لِيُحَطَّ عَنْهَا بِذَلِكَ مَا اِجْتَرَحَتْهُ مِنْ الذُّنُوبِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُنَّ كُنَّ يَعْرِفْنَ عَقْدَ الْحِسَابِ “اِنْتَهَى .
وطريقة العَدّ للحساب بالأصابع بَيَّنها جماعة، ومنه ماحكاه المباركفوري رحمه الله تعالى في: “تحفة الأحوذي” بقوله: “اِعْلَمْ أَنَّ لِلْعَرَبِ طَرِيقَةً مَعْرُوفَةً فِي عُقُودِ الْحِسَابِ تَوَاطَئُوا عَلَيْهَا وَهِيَ أَنْوَاعٌ مِنْ الْآحَادِ وَالْعَشْرَاتِ وَالْمَئِينِ وَالْأُلُوفِ , أَمَّا الْآحَادُ فَلِلْوَاحِدِ عَقْدُ الْخِنْصَرِ إِلَى أَقْرَبِ مَا يَلِيهِ مِنْ بَاطِنِ الْكَفِّ وَلِلِاثْنَيْنِ عَقْدُ الْبِنْصِرِ مَعَهَا كَذَلِكَ , وَلِلثَّلَاثَةِ عَقْدُ الْوُسْطَى مَعَهَا كَذَلِكَ , وَلِلْأَرْبَعَةِ حَلُّ الْخِنْصَرِ , وَلِلْخَمْسَةِ حَلُّ الْبِنْصِرِ مَعَهَا دُونَ الْوُسْطَى , وَلِلسِّتَّةِ عَقْدُ الْبِنْصِرِ وَحَلُّ جَمِيعِ الْأَنَامِلِ , وَلِلسَّبْعَةِ بَسْطُ الْخِنْصَرِ إِلَى أَصْلِ الْإِبْهَامِ مِمَّا يَلِي الْكَفِّ , وَلِلثَّمَانِيَةِ بَسْطُ الْبِنْصِرِ فَوْقَهَا كَذَلِكَ , وَلِلتِّسْعَةِ بَسْطُ الْوُسْطَى فَوْقَهَا كَذَلِكَ . وَأَمَّا الْعَشَرَاتُ فَلَهَا الْإِبْهَامُ وَالسَّبَّابَةِ فَلِلْعَشَرَةِ الْأُولَى عَقْدُ رَأْسِ الْإِبْهَامِ عَلَى طَرَفِ السَّبَّابَةِ , وَلِلْعِشْرِينَ إِدْخَالُ الْإِبْهَامِ فِي السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى , وَلِلثَّلَاثِينَ عَقْدُ رَأْسِ السَّبَّابَةِ عَلَى رَأْسِ الْإِبْهَامِ عَكْسَ الْعَشَرَةِ , وَلِلْأَرْبَعِينَ تَرْكِيبُ الْإِبْهَامِ عَلَى الْعَقْدِ الْأَوْسَطِ مِنْ السَّبَّابَةِ وَعَطْفُ الْإِبْهَامِ إِلَى أَصْلِهَا , وَلِلْخَمْسِينَ عَطْفُ الْإِبْهَامِ إِلَى أَصْلِهَا وَلِلسِّتِّينَ تَرْكِيبُ السَّبَّابَةِ عَلَى ظَهْرِ الْإِبْهَامِ عَكْسَ الْأَرْبَعِينَ , وَلِلسَّبْعِينَ إِلْقَاءُ رَأْسِ الْإِبْهَامِ عَلَى الْعَقْدِ الْأَوْسَطِ مِنْ السَّبَّابَةِ وَرَدُّ طَرَفِ السَّبَّابَةِ إِلَى الْإِبْهَامِ , وَلِلثَّمَانِينَ رَدُّ طَرَفِ السَّبَّابَةِ إِلَى أَصْلِهَا وَبَسْطُ الْإِبْهَامِ عَلَى جَنْبِ السَّبَّابَةِ مِنْ نَاحِيَةِ الْإِبْهَامِ , وَلِلتِّسْعِينَ عَطْفُ السَّبَّابَةِ إِلَى أَصْلِ الْإِبْهَامِ وَضَمُّهَا بِالْإِبْهَامِ . وَأَمَّا اِلْمَئِينِ فَكَالْآحَادِ إِلَى تِسْعِمِائَةٍ فِي الْيَدِ الْيُسْرَى , وَالْأُلُوفُ كَالْعَشَرَاتِ فِي الْيُسْرَى”أنتهى .
والثاني: أنه عقد بمفاصل الأصابع، واستظهره ابن حجر المكي رحمه الله تعالى في: “شرح المشكاة”-كما في: “شرح الأذكار”(1/250)لابن علَّان- بقوله: “وهو أقرب”انتهى. وصفة ذلك أوضحها في: “الحِرْز” -كما في: “شرح الأذكار”(1/250)لابن علَّان- بقوله:”والعَقْد بالمفاصل مشهور: أن يضع إبهامه في كل ذِكْر على مَفْصَل”انتهى.
والثالث: أنه عَقْد بالأصابع، قال ملَّا علي القاري رحمه الله تعالى في: “شرح المشكاة”(/) : ” والظاهر أن يراد بها الأصابع من باب إطلاق البعض وإرادة الكل عكس ما ورد في قوله تعالى : يجعلون أصابعهم في آذانهم لمبالغة”انتهى.وقال المْناوي رحمه الله تعالى في: “فيض القدير”(4/355) : “الحديث ظاهر في عقد كل أصبع على حِدَة، لا ما يعتاده كثير من العَدِّ بعُقَد الأصابع”انتهى. وصفة ذلك أوضحها في: “الحِرْز” -كما في: “شرح الأذكار”(1/250)لابن علَّان-: “والعقد بالأصابع: أن يعقدها ثم يفتحها”انتهى.
تمت بحمد الله