مسألة: مباشرة الزوجة ضيافة الرجال الأجانب مع الستر وأمن الفتنة
بقلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)

المشهورُ عند الفقهاء أنه يباح للزوجة أن تقوم على خدمة الضيف مع الستر وأمن الفتنة وعدم الخلوة, وقد خرَّجَ البُخاري وغيره حديث: “لما عرَّسَ أبو أُسيد الساعدي دعا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فما صَنَعَ لهم طعاماً ولا قرَّبَهُ إليهم إلا امرأته أم أُسيد”, قال الحافظ بن حَجَر رحمه الله معلقاً في “فتح الباري”: ” وفي الحديث جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه, ولا يَخْفى أن محل ذلك عند أمن الفتنة مع مراعاة ما يجِب عليها من السَتْر وجواز استخدام الرجل امرأته في مثل ذلك” ا.هـ. وقال البدر العيني رحمه الله في: “عمدة القاري”( / ) : “وفيه جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه عند الأمن من الفتنة” ا.هـ.
تنبيه: لا يجوز للمرأة أن تُضيِّف رجلا أجنبيا في غياب زوجها، ففي الصحيحين عن عقبةَ بنِ عامِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ قالَ: ((إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ)) فَقَالَ رَجُلٌ مِن الأَنْصَارِ : يا رَسُولَ اللهِ، أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ ؟ قَال: ((الْحَمْوُ المَوتُ)) .ولِمسلمٍ عن أبِي الطَّاهِرِ، عن ابنِ وَهْبٍ قالَ: سمعتُ اللَّيْثَ يَقُولُ: الْحَمْوُ، أَخُو الزَّوْجِ، وَمَا أشبهَهُ مِن أَقَارِبِ الزَّوْجِ، ابْنُ العَمِّ وَنَحْوُهِ.قال ابن دقيق العيد رحمه الله في: “شرح عمدة الأحكام”( / ) : “لفظُ “الحَمُو” يُسْتَعْملُ عندَ النَّاسِ اليوِمَ فى أَبِي الزَّوجِ ، وهو مَحْرَمٌ مِن المرأةِ لا يَمْتَنِعُ دخولُهُ عليهما؛ فَلِذَلِكَ فسَّرَه اللَّيْثُ بما يُزِيلُ هذَا الإشْكالَ ، وَحَمَلهُ على مَنْ ليسَ بمَحْرَمٍ ؛ فإنَّه لا يجوزُ له الخَلْوةُ بالمرأةِ. والحديثُ دليلٌ على تحريمِ الْخَلْوَةِ بالْأَجَانِِبِ.وقولُـه : “إِيَّاكمْ وَالدُّخولَ على النِّساءِ” مخْصوصٌ بغيِرِ المَحَارمِ ، وعامٌّ بالنِّسبةِ إلى غيرِهِنَّ ، ولابُدَّ مِن اعتبارِ أْمرٍ آخرَ ، وهو أن يكونَ الدُّخُولُ مُقتضِيًا للخَلوةِ ، أمَّا إذا لمْ يَقْتَضِ ذلكَ فلا يمتِنعُ. وأمَّا قولـُه عليهِ السَّلامُ : “الْحَمُوُ الْمَوْتُ” فَتَأْوِيلُه يَخْتَلِفُ بحسَبِ اخْتِلاَفِ الحَمُوِ. فإن حُمِلَ على مَحْرَمِ المرأةِ – كأبي زوجِهَا – فَيُحْتَمَلُ أن يكونَ قولُه “الحَمُوُ الموتُ” بمعنىَ : أنَّه لابدَّ مِن إباحةِِ دخولِهِ ، كما أنَّه لابدَّ مِن الموتِ. وإِن حُمِلَ على مَن ليسَ بمَحْرمٍ ، فيُحْتَمَلُ أن يكونَ هذا الكلامُ خَرَجَ مَخْرَجَ التَّغْليظِ والدُّعاءِ ؛ لأنه فُهِمَ مِن قائِلِه طَلَبُ التَّرْخِيصِ بِدُخُولِ مثلِ هؤلاءِ الَّذينَ ليسُوا بمَحارِمَ. فغلَّظَ عليهِ لأجلِ هذا القصدِ المذمومِ ، بأنَّ دخُولَ المَوتِ عِوَضٌ مِن دخولِهِ ، زَجْرًا عن هذا التَّرخيصِ ، على سبيلِ التَّفاؤلِ ، والدُّعاءِ ، كأنَّه يُقالُ : مَن قصَدَ ذلكَ فلْيَكُنِ الموتُ فى دخولـِهِ عِوَضًا مِن دخولِ الحمْوِ الَّذيِ قَصَدَ دخولَهُ. ويَجُوزُ أن يكونَ شبَّهَ الحمُوَ بالموتِ ، باعْتِبَارِ كَرَاهَتِهِ لِدُخُولِهِ ، وشبَّهَ ذلكَ بِكَرَاهَةِ دُخُولِِ الموتِ.ويقول البدر العيني رحمه الله في: “عمدة القاري”( 13/ 202) : “وفيه: أنه لا يجوز للمرأة أن تأذن للرجل الذي ليس بمحرم لها في الدخول عليها، ويجب عليها الاحتجاب منه، وهو كذلك إجماعاً بعد أن نزلت آية الحجاب، وما ورد من بروز النساء فإنما كان قبل نزول الحجاب، وكانت قصة أفلح مع عائشة بعد نزول الحجاب” ا.هـ.
فائدة: قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في: “فتح الباري”( 14/ 149): ” وقد أجمعوا على تأديب من وجد مع امرأة أجنبية في بيت والباب مغلق عليهما” ا.هـ. والله أعلم.
تمت بحمد الله








































