عنوان: إثبات الملائكة الكروبيين
بقلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)
بسم الله الرحمن الرحيم
أنكر بعضهم (الملائكة الكروبيين) بحجة عدم صحة حديث جابر رضي الله عنه وفيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن لله ملائكة ، وهم الكَرُوبِيُّون ، من شَحْمة أذن أحدهم إلى تُرْقُوته مسيرة سبعمائة عام للطائر السَّرِيع في انحطاطه )) ،لأن الشيخ الألباني رحمه الله قال عنه في: ” سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ” ( 2 / 323 ، حديث 923): “حديث ضعيف جدا”.
إلا أنه ورد في بعض حملة العرش بنحو حديث جابر ، قال الحافظ السيوطي رحمه الله في : (( الدر المنثور )) (7/274) : (( وأخرج أبو داود وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في : (( العظمة )) وابن مردويه والبيهقي في : (( الأسماء والصفات )) بسند صحيح ، عن جابر t أن النبي r قال : (( أُذِن لي أن أُحدِّث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش ، ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة )) انتهى .
وقد أَثْبَتَ جمعٌ من السلف اسم : ( الكَرُوبيين ) لنوعٍ من الملائكة ، ومنهم : الضحاك ومقاتل وأبو العالية ، ذكره عن مقاتل : ابنُ الجوزي رحمه الله في : (( زاد المسير )) (8/110 ) ، وعن البقيَّة وابن عباس رضي الله عنهما : ابنُ كثير رحمه الله في : (( تفسير القرآن العظيم )) ، وقال عند قوله تعالى : ) الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ( – الآية من سورة غافر – : (( يُخبر تعالى عن الملائكة المقربين من حملة العرش الأربعة ، ومن حوله من الكروبيين : بأنهم يسبحون بحمد ربهم )) . ومن قبلُ قال البغوي رحمه الله في : (( معالم التنزيل )) عند الآية نفسها : (( حملة العرش والطائفون به : هم الكروبيون ، وهم سادة الملائكة )) .
والمعروف أن ( الكروبيين ) هم : المُقَرَّبُون من الملائكة ، قال الخطابي رحمه الله في : (( غريب الحديث )) (1/440) : (( الملائكة الكَرُوبيّون ، وهم : المُقَرّبون . وقال بعضهم : إنما سُمُّوا : ( كَرُوبيين ) لأنهم يُدْخِلون الكَرْب على الكفار ، وليس هذا بشيء )) . وقال ابن الأثير رحمه الله في : (( النهاية في غريب الحديث والأثر )) ( 4/161 ) : (( في حديث أبي العالية : (( الكروبيون سادة الملائكة )) هم المقربون ، ويقال لكل حيوانٍ وَثِيْقِ المفاصل : إنه لمُكْرَب الخَلْق ، إذا كان شديد القُوَى . والأول أشبه )) .
قال الآلوسي رحمه الله في : (( روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني )) ( 13/70 ) : (( يقال لحَمَلَة العرش والحافِّيْن به : الكَرُوبيّون ، جمع كَرُوبِي ، بفتح الكاف وضم الراء المهملة المُخَفَّفَة وتشديدها خطأ ، ثم واو بعدها باء موحَّدة ثم ياء مشددة ، من : ( كرب ) بمعنى : قرب . وقد توقَّف بعضهم في سماعه من العرب ، وأثبته أبو علي الفارسي ، واستشهد له بقوله :
كَرُوْبِيَّةٌ مِنْهُمْ رُكُوْعٌ وَسُجَّدُ
وفيه دلالة على المبالغة في القُرْب لصيغة فَعُول والياء التي تُزَاد للمبالغة .
وقيل : من (الكَرْب ) بمعنى : الشدَّة والحزن ، وكأن وصفهم بذلك لأنهم أشد الملائكة خوفاً .
وزعم بعضهم : أن الكروبيين حملة العرش ، وأنهم أول الملائكة وجوداً ، ومثله لا يُعْرف إلا بسماع .
وعن البيهقي : أنهم ملائكة العذاب ، وكأن ذلك إطلاق آخر من الكرب بمعنى الشدة والحزن )) انتهى .
تمت بحمد الله