بقلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الحافظ الترمذي رحمه الله تعالى في: “الجامع” (5/175) :
“باب ما جاء فيمن قرأ حرفا من القرآن ماله من الأجر
2910- حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا الضحاك بن عثمان عن أيوب بن موسى قال سمعت محمد بن كعب القرظي قال سمعت عبدالله بن مسعود يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ويروى هذا الحديث من غير هذا الوجه عن ابن مسعود ورواه أبو الأحوص عن ابن مسعود رفعه بعضهم ووقفه بعضهم عن ابن مسعود قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه سمعت قتيبة يقول بلغني أن محمد بن كعب القرظي ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ومحمد بن كعب يكنى بأبي حمزة “انتهى.
وقال الحافظ الطبراني رحمه الله تعالى في ” المعجم الأوسط ” ( 1 / 101 ) ، وفي ” المعجم الكبير ” ( 18 / 76) :
“حدثنا أحمد بن رشدين قال حدثنا عبد الله بن محمد الفهمي قال حدثنا سليمان بن بلال عن أبي عبد العزيز موسى بن عبيدة الربذي عن محمد بن أبي محمد عن عوف بن مالك الأشجعي قال : قال رسول الله : ” مَن قرأ حرفاً مِن القرآن كُتبت له حسنةٌ ، ولا أقول { الم ذلك الكتاب } ولكن الألف حرف ، واللام حرف ، والميم حرف ، والذال حرف ، واللام حرف ، والكاف حرف”انتهى .
وقال الحافظ البيهقي رحمه الله تعالى في ” شعب الإيمان ” ( 2 / 341) :
“أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن دالويه الدقاق ثنا أحمد بن حفص بن عبد الله حدثني أبي حدثني إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب القرظي عن عوف عن مالك الأصمعي أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” مَن قرأ حرفاً مِن القرآن كُتب له بها حسنةٌ ، لا أقول بسم ، ولكن باء ، وسين ، وميم ، ولا أقول { الم } ولكن الألف ، واللام ، والميم ” .انتهى
قال المباركفوري رحمه الله تعالى في “تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي”( / ) :
” وَهُوَ أَقَلُّ التَّضَاعُفِ الْمَوْعُودِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } { وَاَللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ{ “انتهى.
لكنه اختُلف هل المراد مسمى الحرف ك(ء) و (ل) و (م) من أول سورة “الشرح” في قوله تعالى: “ألم نشرح لك صدرك”،أم أن المراد اسم الحرف ك(ألف) و (لام) و (ميم) من أول سورة “البقرة” في قوله تعالى: “ألم*ذلك الكتاب لا ريب فيه”…وانتصر للثاني التقي ابن تيمية رحمه الله تعالى –كما في: “مجموع الفتاوي”(12/108)- بقوله: ولفظ الحرف يراد به الاسم والفعل وحروف المعاني واسم حروف الهجاء ، ولهذا سأل الخليل أصحابه : كيف تنطقون بالزاي من زيد ؟ فقالوا : زاي ، فقال : نطقتم بالاسم وإنما الحرف ” زه ” ، فبيَّن الخليل أن هذه التي تسمَّى حروف الهجاء هي أسماء ، وكثيراً ما يوجد في كلام المتقدمين : ” هذا حرف من الغريب ” ، يعبرون بذلك عن الاسم التام ، فقوله صلى الله عليه وسلم : ” فله بكل حرفٍ ” مثَّله بقوله : ” ولكن ألِف حرفٌ ولامٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ ” ، وعلى نهج ذلك : و { ذلك } حرف ، و { الكتاب } حرف ، ونحو ذلك .
وقد قيل : إن ذلك أحرف والكتاب أحرف وروي ذلك مفسَّراً في بعض الطرق “انتهى. وقال الشمس ابن مفلح رحمه الله تعالى في: “الآداب الشرعية الكبرى”(2/312) : “واختار الشيخ تقي الدين –يعني: ابن تيمية– أن المراد بالحروف : الكلمة ، سواءً كانت اسماً أو فعلاً أو حرفاً أو اصطلاحاً ، واحتج بالخبر المذكور ، فلولا أن المراد بالحرف الكلمة لا حرف الهجاء : لكان في ” ألف لام ميم ” تسعون حسنة ، والخبر إنما جعل فيها ثلاثين حسنة ، وهذا وإن كان خلافَ المفهوم والمعروف مِن إطلاق الحرف ، فقد استعمله الشارع هنا ، والله أعلم “انتهى.
تمت بحمد الله