بقـلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)
عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (اقْرَءُوا يس عَلَى مَوْتَاكُمْ) [أخرجه أحمد في: “المسند” ( 5 / 26 و 27 )، وأبو داود في: “السنن”( 3 / 188 / 3121 )،وابن ماجه في: “السنن”( 1 / 465 – 466 / 1448 ) ، والحاكم في: “المستدرك”(1 / 565 )]
وعليه العمل ، فعن صَفْوَان قال : حَدَّثَنِي الْمَشْيَخَةُ أَنَّهُمْ حَضَرُوا غُضَيْفَ بْنَ الْحَارِثِ الثُّمَالِيَّ (صحابي) حِينَ اشْتَدَّ سَوْقُهُ ، فَقَالَ : هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ يَقْرَأُ يس ؟ قَالَ : فَقَرَأَهَا صَالِحُ بْنُ شُرَيْحٍ السَّكُونِيُّ ، فَلَمَّا بَلَغَ أَرْبَعِينَ مِنْهَا قُبِضَ . قَالَ : فَكَانَ الْمَشْيَخَةُ يَقُولُونَ : إِذَا قُرِئَتْ عِنْدَ الْمَيِّتِ خُفِّفَ عَنْهُ بِهَا . قَالَ صَفْوَانُ : وَقَرَأَهَا عِيسَى بْنُ الْمُعْتَمِرِ عِنْدَ ابْنِ مَعْبَدٍ .[رواه أحمد في: “المسند”(4/105) (16521)قال الحافظ في “الإصابة” (5/324) : “إسناده حسن”]. وقال عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله تعالى-كما في: “المعرفة والتاريخ” (1/ 723، 724) -:”فلما كان اليوم الذي مات فيه سفيان الثوري ذهبت لأخرج لصلاة العصر، فقال: تدعني على هذه الحال وتخرج؟! قال: فصليت عند رأسه، فقال لي: اقرأ علي (يس)، فإنه يقال: تُخَفِّف عن المريض. قال: فقرأتُ عليه، فما فرغتُ حتى طفئ” ا.هـ.
فائدة: قال ملا علي القاري رحمه الله تعالى في: “مرقاة المفاتيح” ( / ) : ” (وعن معقل ) بفتح الميم وكسر القاف . ( بن يسار : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” اقرءوا سورة يس على موتاكم ) أي : الذين حضرهم الموت ، ولعل الحكمة في قراءتها أن يستأنس المحتضر بما فيها من ذكر الله ، وأحوال القيامة والبعث . قال التوربشتي : يحتمل أن يكون المراد بالميت الذي حضره الموت فكأنه صار في حكم الأموات ، وأن يراد من قضى نحبه ، وهو في بيته أو دون مدفنه . قال الإمام في التفسير الكبير : الأمر بقراءة يس على من شارف الموت مع ورود قوله – عليه الصلاة والسلام – : لكل شيء قلب ، وقلب القرآن ” يس ” إيذانا بأن اللسان حينئذ ضعيف القوة ، وساقط المنة ، لكن القلب أقبل على الله بكليته فيقرأ عليه ما يزداد قوة قلبه ويستمد تصديقه بالأصول فهو إذن عمله ومهامه . قال الطيبـي : والسر في ذلك – والعلم عند الله – أن السورة الكريمة إلى خاتمتها مشحونة بتقرير أمهات الأصول ، وجميع المسائل المعتبرة التي أوردها العلماء في مصنفاتهم من النبوة ، وكيفية الدعوة ، وأحوال الأمم ، وإثبات القدر ، وأن أفعال العباد مستندة إلى الله تعالى ، وإثبات التوحيد ، ونفي الضد والند وأمارات الساعة ، وبيان الإعادة والحشر وحضور العرصات والحساب ، والجزاء والمرجع والمآب ، فحقها أن تقرأ عليه في تلك الساعة . ( رواه أحمد ، وأبو داود ، وابن ماجه ) وقال السيوطي : ورواه ابن أبي شيبة ، والنسائي ، والحاكم ، وابن حبان ، وأخرج ابن أبي الدنيا والديلمي عن أبي الدرداء ، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ما من ميت يقرأ عند رأسه سورة ” يس ” إلا هون الله عليه اهـ . وفي رواية صحيحة أيضا يس قلب القرآن ، لا يقرؤها عبد يريد الدار الآخرة إلا غفر الله له ما تقدم من ذنبه ; فاقرءوها على موتاكم . قال ابن حبان : المراد به من حضره الموت ويؤيده ما أخرجه ابن أبي الدنيا ، وابن مردويه ما من ميت يقرأ عنده يس إلا هون الله عليه وخالفه بعض محققي المتأخرين فأخذ بظاهر الخبر ، فقال : بل يقرأ عليه بعد موته وهو مسجى وذهب بعض إلى أنه يقرأ عليه عند القبر ، ويؤيده خبر ابن عدي وغيره: من زار قبر والديه أو أحدهما في كل جمعة فقرأ عندهما يس غفر له بعدد كل حرف منها” ا.هـ .
تمت بحمد الله