قال أبو شامة (ت – ٦٦٥ هـ ) رحمه الله في:«إبراز المعاني من حرز الأماني»(ص/244) :
” والسِّمَنُ الحَقيقيُّ(*) مَكروهٌ في ذاتِه لأَهلِ الدِّين والعلمِ؛ لأَنَّه يُشعِر غالبا بقِلَّة اهتِمامِه بالآخِرَة، وبالبَلادةِ أَيضًا، والهَمُّ يُذيبُ الجِسمَ ويُنحِّفُه؛ ولهذا جاءَ في الحديث: “أَمَا عَلمتَ أن الله يُبغض الحَبرَ السَّمينَ”[1]،وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذم قوم: “قليلٌ فقهُ قلوبِهم وكثيرٌ شحْمُ بطونِهِم “[2].
قال العُلماءُ: فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْفِطْنَةَ= قَلَّما تَكُونُ مَعَ كَثْرَةِ اللَّحْمِ،وَالْاِتِّصَافِ بِالسِّمَنِ وَالشَّحْمِ، وَفِي أَخْبَارِ الْإمَامِ الشَّافِعِيِّ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّهُ قَالَ: (مَا رَأَيْتُ سَمِينًا عَاقِلًا قَطُّ إِلَّا رَجُلًا وَاحِدًا). وَفِي رِوَايَةٍ: (مَا رَأَيْتُ سَمِينًا أَخَفَّ رُوْحًا مِنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسْنِ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-)[3]”انتهى.
(*) يَعني: إِذا كانتْ السُّمْنَةُ مُتَحَقِّقَةً فيه، لا لِمَرَضٍ وجِبَلَّةٍ…
““““
[1] رُوِي الحديث عن الصحابي أَبي أُمامة رضي الله عنه كما قاله أبو اللَّيث السَّمَرْقَنْدِي رحمه الله في:«بستان العارفين»،لكنْ قال السخاوي رحمه الله في ” المقاصد الحسنة (207) : “ولكن ما علمته في المرفوع” انتهى .وعن سعيد بن جبير قال : (جاء رجل من اليهود يقال له مالك بن الصيف ، فخاصم النبي صلى الله عليه وسلم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى ، هل تجد في التوراة أن الله يبغض الحبر السمين؟ قال : وكان حبرا سمينا ، فغضب وقال : ما أنزل الله على بشر من شيء . فقال له أصحابه الذين معه : ويحك ولا على موسى؟ قال : ما أنزل الله على بشر من شيء ، فأنزل الله عز وجل : (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) الأنعام/91 .[رواه ابن أبي حاتم في “التفسير” (4/1342) ، وابن جرير الطبري في “جامع البيان” (11/521)]
[2] يُشير لحديث: (كنتُ مُسْتَتِرًا بأستارِ الكعْبَةِ فجاءَ ثلاثةُ نفرٍ كثيرٌ شحْمُ بطونِهِم قليلٌ فقهُ قلوبِهم قُرَشِيٌّ وخَتَناهُ ثقَفِيَّانِ أوْ ثَقَفِيٌّ وخَتَناهُ قُرَشِيَّانِ)[رواه التّرمِذِي في:«الجامِع»(رقم: 3249)،وبِنَحوه أخرجه البخاري (4816)، ومسلم (2775)]
[3] قال أَبو بكرٍ البَيهَقِيّ رحمه الله في:«مَناقِب الإِمام الشّافعي»:
“أَنَا أَبُو الْحَسَنِ ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ : (مَا رَأَيْتُ سَمِينًا عَاقِلا قَطُّ ، إِلا رَجُلا وَاحِدًا) ” .
https://cutt.us/jHcJ9
وفي:«الإِنتِقاء»(ص/98) لابن عَبد البَرّ رحمه الله ما نَصُّه: ” حَدَّثَنَا خَلَفٌ حَدَّثَنَا اَلْحَسَنُ بْنُ رُشَيقٍ قَالَ حَدَّثَنَا اَلْحَسَنُ بْنُ إِدْرِيسَ اَلْخَوْلَانِي قَالَ سَمِعَتُ اَلشَّافِعِي يَقُولُ: (مَا رَأَيْتُ قَطُّ عَاقِلاً سَمِينًا إِلَّا وَاحِدًا ،وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحَسَنِ، قِيلَ لَهُ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّ اَلْعَاقِلَ لَا تَعْدُوهُ إِحْدَى خَصْلَتَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَغْتَمَّ لِآخِرَتِهِ وَمَعَادِهِ، أَوْ يَغْتَمَّ لِدُنْيَاهُ وَمَعَاشِهِ، وَالشَّحْمُ مَعَ اَلْغَمِّ لَا يَتَّفِقُ، فَإِذَا خَلَا مِنَ اَلْمَعْنَيَينَ صَارَ فِي حَدِّ اَلْبَهَائِمِ، وَحَمَلَ اَلشَّحْمَ)”
https://cutt.us/PgVvF
:::::