عنوان: إسبال الرجال لغير خيلاء مكروه وليس محرما
بقـلم: (الشيخ صالح بن محمد الأسمري)
إسبال الرجال للثياب عن الكعبين لغير خيلاء ليس محرما، بل مكروه، واتفقت على ذلك المذاهب الأربعة، كمافي : “بذل المجهود”(16/411) للسهارنفوري، و”المنتقى”(7/226 )للباجي، و”أسنى المطالب”( 1/278) لزكريا الأنصاري ، و”كشاف القناع”( 1/277) للبهوتي.
وذلك أنه قد جاء الأمر برفع الإزار عن الكعبين كما في نحو حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وفيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « الإزار إلى نصف الساق » فلما رأى شدّة ذلك على المسلمين؛ قال: « إلى الكعبين لا خير فيما أسفل من ذلك » [رواه الإمام أحمد في: “المسند”(3/ 140)]. لكن التحريم قُيّد بالخيلاء كما في نحو حديث ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهما، وفيه قال: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: “من جر ثوبه خيلاء لم ينظر اللَّه إليه يوم القيامة” ، فقال أبو بكر: يا رَسُول اللَّهِ إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده. فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: “إنك لست ممن يفعله خيلاء” [رَوَاهُ البُخَارِيُّ تحت باب (من جر إزاره من غير خيلاء)]، قال النووي رحمه الله تعالى في: ” شرح صحيح مسلم”( 2/116) :”وأما قوله صلى الله عليه وسلم :” المسبل إزاره ” فمعناه المرخى له الجار طرفه خيلاء كما جاء مفسرا في الحديث الآخر” لا ينظر الله إلى من يجر ثوبه خيلاء ” ، والخيلاء الكبر وهذا التقييد بالجر خيلاء يخصص عموم المسبل إزاره ويدل على أن المراد بالوعيد من جره خيلاء . وقد رخص النبيّ صلى الله عليه وسلم في ذلك لأبي بكر الصديق رضي الله عنه وقال :” لست منهم ” ، إذ كان جره لغير الخيلاء ” ا.هـ.وقال العراقي رحمه الله تعالى في: “طرح التثريب”( / ) :”التقييد بالخيلاء يخرج ما إذا جره بغير هذا القصد , ويقتضي أنه لا تحريم فيه وقد تقدم من صحيح البخاري وغيره قول أبي بكر رضي الله عنه :” إن أحد شقي ثوبي يسترخى إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك لست تصنع ذلك خيلاء ” وبوب البخاري في صحيحه باب : من جر إزاره من غير خيلاء , وأورد فيه هذا الحديث وحديث أبي بكرة :” خسفت الشمس ونحن عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام يجر ثوبه مستعجلا حتى أتى المسجد … الحديث”.اهـ. وقال السيوطي رحمه الله تعالى في: “في: “الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج”( 1/121) :” المسبل إزاره المرخي له الجار طرفيه خيلاء، فهو مخصص بالحديث الآخر “لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء ” ، وقد رخص صلى الله عليه وسلم في ذلك لأبي بكر حيث كان جره لغير الخيلاء” ا.هـ.
وعليه فقد وقع الإسبال لغير خيلاء من جمع من السلف الصالح، ومنه أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يُسْبل إزاره . فقيل له في ذلك فقال : إني حَمْش الساقين [رواه ابن أبي شيبة في ” المصنف ” ( 5 / 166 ) وقال الحافظ في : “الفتح”: (10/276) : ” أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن مسعود بسند جيد ” . ا.هـ ]. وعن أبي إسحاق قال:رأيت ابن عباس أيام منى طويل الشعر، عليه إزار فيه بعض الإسبال، وعليه رداء أصفر.[قال الهيثمي في: “مجمع الزوائد”( / ):”رواه الطبراني وإسناده حسن”أ.هـ]. وعن عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن عمرو بن مهاجر قال كان قميص عمر بن عبد العزيز ما بين الكعب والشراك[رواه أبو نعيم في “حلية الأولياء”(5/322)]و عن أبي عوانة عن مغيرة قال :” كان إبراهيم قميصُه على ظهر القدم” [ رواه ابن أبي شيبة في: “المصَنَّفِ”(رقم :24845)].,وعن حماد بن زيد ، قال :”أمرَنِي أيّوب أن أقطعَ له قميصاً قال : اجعلْه يضرِبُ ظَهْرَ القدم ، و اجعَلْ فَمَ كُمِّهِ شبراً “[رواه الإمام أحمد في: “العلل”( رقم : 841 ) ].
تنبيه: حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : “ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار”[رواه البخاري في: “الجامع” (رقم/5787) ] محمول على الخيلاء، يقول السيوطي رحمه الله في “تنوير الحوالك”( 1/217 ) :” ما أسفل من ذلك ، (ما) موصولة و (أسفل) بالنصب خبر كان محذوفة والجملة صلة . ويجوز كون (ما) شرطية و (أسفل) فعل ماض . (ففي النار) أي محله من الرجل وذلك خاص بمن قصد به الخيلاء”أ.هـ .
والله الموفق،،،
تمت بحمد الله
0 Responses
جزاكم الله كل خير شيخنا الفاضل وزادكم علما وفضلا .